![]() |
![]() |
![]() ![]() |
رقم الموضوع : [1] |
عضو ذهبي
![]() |
![]() اللائكية ليست إلحادا. وهي ليست لادينية أيضا. ولا هي ديانة إضافية. ليس موضوع اللائكية هو الله، وإنما المجتمع. اللائكية ليست مطالبة بتقديم تصور عن العالم، وإنما شغلها الشاغل هو كيفية إدارة وتنظيم "المدينة". هي ليست معتقدا، هي مجرد مبدأ، أو مجموعة من المبادئ : حيادية الدولة فيما يتعلق بالدين والميتافيزيقا بصفة عامة، استقلاليتها عن الكنيسة والعكس، أي استقلالية الكنيسة عنها، حرية المعتقد والضمير، حرية الانتقاد والمراجعة الفكرية، غياب أي ديانة رسمية، غياب أي فلسفة رسمية، وبالتالي الحق لكل فرد في ممارسة الديانة التي تروقه أو عدم ممارسة أي واحدة، الحق في الصلاة أو ازدراء الدين، بشرط عدم الإخلال بالنظام العام، وأخيرا، وهذا الأمر ليس بأقل أهمية مما سبق، الطابع اللاديني للمدرسة العمومية التي يجب أن تظل بعيدة عن تدخل رجال الدين في شؤونها، وهي، في المقابل، ليست مطالبة بأن تكون معادية لهم، الحيادية هي كلمة السر.
يمكن تلخيص الأمر برمته في ثلاثة كلمات : الحيادية ( حيادية الدولة والمدرسة)، الاستقلالية ( إستقلالية الدولة عن الكنيسة والعكس)، الحرية ( حرية المعتقد والضمير). ضمن هذا السياق يمكن أن أعترف للأسقف لوستيجر ( Aron Lustiger ) بنوع من الصواب، حين يقول عن نفسه بأنه لائكي. هو لا يريد أن تتدخل الدولة في شؤون الكنيسة، ولا أن تتدخل الكنيسة في شؤون الدولة. هو محق حتى عندما ينظر إلى الأمر من منظوره الخاص: " أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا ِللهِ ِللهِ، إنجيل متى 22 : 21". المرونة أمر ضروري أيضا بالنسبة لبعض الملحدين من أجل تقبل الأمر والتخلى عن تعنتهم. أن تكون الكنيسة قد استغرقت كل هذه المدة الطويلة من أجل تقبل اللائكية، يجعل تحولها أمرا باهرا و مذهلا أكثر، و يستحق الإحتفال، هذا كل ما في الأمر. لكن انتصار اللائكية هذا، ليس هزيمة للكنيسة : إنه انتصار مشترك للعقول الحرة و المتسامحة. اللائكية تمنحنا فرصة العيش معا رغم اختلافاتنا الكثيرة في الآراء والعقائد. لهذا فهي رائعة ، مفيدة، منصفة وضرورية. لا يتعلق الأمر هنا بمعاداة الدين. اللائكية هي عكس الإكليروسية ( التي يريد فيها رجال الدين السيطرة على مختلف مفاصل الدولة )، وعكس الشمولية ( التي تريد فيها الدولة السيطرة على الكنيسة ورجالاتها). نفهم لماذا لا يمكن اعتبار إسرائيل، إيران أو الفاتيكان كدول لائكية، فكلها دول تتبنى ديانة رسمية أو مفضلة. لكن ألبانيا الشيوعية، في ظل حكم إينفر هوكسا، هي الاخرى لم تكن دولة لائكية لأنها كانت تتبنى الإلحاد كمذهب دولة. هذا المعطى يشرح بشكل كاف معنى اللائكية : هي ليست أيديولوجية دولة، و لكنها رفض الدولة لأي أيديولوجية كيفما كانت. وحقوق الإنسان؟ يتساءل أحدهم. والأخلاق؟ ولا هذه الأمور هي الأخرى تستوجب أن تخضع لها الدولة. الدولة لا تخضع إلا لقوانينها الخاصة ولدستورها – أو أنها تخضع لحقوق الإنسان ضمن الحدود التي يحددها ويضمنها الدستور. لماذا، في ديمقراطياتنا الحديثة، يقوم الدستور بهذا؟ لأن الشعب الذي يتمتع بالسيادة، أراد ذلك. يتعلق الأمر بجعل الدولة في خدمة الناس وليس العكس. لكن السبب نفسه يمنع اعتبار حقوق الإنسان كديانة خاصة للدولة. هنا يصبح تحديد مهام الدولة أمرا ضروريا : ليس من واجب الدولة أن تحكم العقول أو القلوب. هي ليست مطالبة بأن تطلق أحكاما تخضع لمعايير الحقيقة والخير، بل ما يهمها، في الدرجة الاولى، هو السهر على تطبيق القانون والمعاقبة على مخالفته. الدولة لا تملك ديانة. الدولة لا تملك أخلاقا. الدولة لا تملك مذهبا. المواطنون وحدهم يستطيعون امتلاك كل هذه الأشياء إذا أرادوا عن طيب خاطر. لكن هذا لا يعني أن على الدولة أن تتسامح مع كل هذه الأمور، أو هي تستطيع ذلك. كل ما في الأمر أن الدولة لا تعاقب سوى التصرفات، لا النوايا والأفكار، وفقط في حالة ما إذا كانت هذه التصرفات مخالفة للقانون. في دولة لائكية حقيقية، لا يوجد هناك ما يسمى بجريمة رأي. كل واحد يحق له أن يفكر كما يريد، وأن يعتقد فيما يريد. كل واحد يجب أن يحاسب على أفعاله، لا على أفكاره. على ما يقوم به، لا على ما يعتقد به. حقوق الإنسان، بالنسبة للدولة اللائكية، ليست عبارة عن أيديولوجية، ولا هي بمثابة ديانة. ليست معتقدا، و إنما هي إرادة عامة. بالنسبة إلى هذه الدولة، حقوق الإنسان ليست رأيا، بل هي مجموعة من القوانين التي يحق لنا أن نكون ضدها لا أن نخرقها. |
![]() |
![]() ![]() |
رقم الموضوع : [2] |
عضو ذهبي
![]() |
![]() ربما بل بالتأكيد أشنع مثال للثيوقراطية في زماننا هو الجمهورية الإسلامية الإيرانية و بلا منافس ...
حين أفكر في المواطن الإيراني أشعر بالأسى عليه ... فقير و هو ابن دولة نفط و غاز ... غارق في طقوس التخلف و هو ابن حضارة عمرها آلاف السنين ... يسأل الإيراني المتنور نفسه : من هو هذا المرشد ؟ هل نصبه الله في هذا المكان ؟ و لماذا يتحكم في تفاصيل حياتي من أصغرها إلى أكبرها ؟ و المصيبة أنهم يصدرون عفنهم الى بلدان المنطقة تطبيقا لشعار الخميني بتصدير الثورة ... لا يمكن التعويل الا على تنامي التيار الاصلاحي و تناقص عدد المحافظين حتى تتحول بؤرة التخلف و الارهاب هذه الى دولة يمكن العيش فيها و التعايش معها ... |
![]() |
![]() ![]() |
رقم الموضوع : [3] | |
عضو برونزي
![]() |
![]() اقتباس:
لي اعتقاد بأن موضوع العلمانية معقد شيء ما، خصوصا فيما يتعلق بالتطبيق على أرض الواقع خارج التنظير، فأغلب دول الغرب تدعي العلمانية، ولكن نجد أن هنالك اختلاف في ممارستها، فتظهر متطرفة نوعا ما في تركيا الكمالية وفرنسا، ومتسامحة كثيرا في بريطانيا و ألمانيا و الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال فرنسا جد صارمة فيما يخص الحياد الديني بما في ذلك الرموز الدينية في الأماكن الحكومية، وهذا يجعلها تصطدم بشكل غير مقصود طبعا بعادات بعض الأقليات المهاجرة إليها بحثا عن العيش الكريم، بالمقابل العلمانية في بريطانيا تبدو أكثر تعقلا و تحاول الإبتعاد عن شبه المعارك الدينية بين الحكومة والأفراد في إجبارهم على فعل شيء معين له علاقة بشخصيتهم و ملبسهم في أماكن معينة. السؤال الذي يتبادر إلى ذهني هو هل بعض الدول حولت العلمانية إلى إديولوجيا ودين دولة من دون قصد؟ عكس دول أخرى نجحت في وضع علمانية حيادية أكثر توازنا؟ أم أن المشكلة مشكلة تعليم وتثقيف؟ أنا أظنها كذلك. |
|
![]() |
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ عربي على المشاركة المفيدة: | mystic (07-04-2023) |
![]() ![]() |
رقم الموضوع : [4] | |
عضو ذهبي
![]() |
![]() اقتباس:
و الموضوع يخضع لاجتهادات الفقهاء القانونيين و المشرعين في كل بلد , فنحن نتحدث عن أفكار و مبادئ عامة يمكن فهمها بأكثر من طريقة , و لا يستطيع احد أن يدعي احتكاره للعلمانية الحقيقية دون سواه. طبعا دولة علمانية تختلف عن دولة تعلن الإلحاد عقيدة رسمية للدولة كما كان الحال عند السوفييت . الدولة لا بد أن تعلن الحياد و تمارسه بحيث لا يظلم مواطن بسبب عقيدته ايا كانت... |
|
![]() |
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ mystic على المشاركة المفيدة: | عربي (07-04-2023) |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
اسلوب عرض الموضوع | |
|
|
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond